
كيف يمكن للشركات الصغيرة النجاة من هيمنة الذكاء الاصطناعي على البحث في جوجل
لسنوات طويلة، كانت وصفة النجاح للأعمال عبر الإنترنت بسيطة: احصل على ترتيب جيد في نتائج بحث جوجل أو ادفع مقابل الإعلانات لتظهر أمام العملاء. لكن هذا النموذج يتغير بسرعة كبيرة. فمنذ أن أطلقت جوجل ميزة الملخصات المدعومة بالذكاء الاصطناعي (AI Overviews) في مايو 2024، لاحظ العديد من المواقع انخفاضًا حادًا في عدد زياراتها، حتى وإن ظلت تظهر في نتائج البحث.
بدلًا من عرض قائمة الروابط، أصبحت الملخصات المدعومة بالذكاء الاصطناعي توفر للمستخدمين إجابات مباشرة أعلى صفحة النتائج. هذا مفيد للمستخدمين... لكنه ليس في صالح المواقع التي تقدم تلك المعلومات. والنتيجة: انهيار النموذج التقليدي المعتمد على النقرات، خاصة للشركات التي تعتمد على المحتوى التعليمي لجذب الزوار.
عصر جديد من عمليات البحث «بدون نقر»
تشير بيانات شركة Seer Interactive إلى أن معدلات النقر العضوي تنخفض بنسبة 70% عند ظهور ملخصات الذكاء الاصطناعي في نتائج البحث. وأكد مركز Pew للأبحاث أن المستخدمين ينقرون على الروابط التقليدية بنصف المعدل فقط عند وجود ملخصات الذكاء الاصطناعي، في حين أن 1% فقط من عمليات البحث التي تظهر فيها هذه الملخصات تؤدي فعليًا إلى نقرة على رابط مضمّن في الملخص. بمعنى آخر: حتى لو ظهر موقعك في نتائج البحث، فإن معظم المستخدمين لن يزوروه.
هذا التغيير يؤثر بالفعل بشكل كبير على الاستشاريين، صانعي المحتوى، منصات التعليم الإلكتروني ومكاتب المحاماة التي تعتمد على المحتوى التعليمي. في المقابل، لا تزال الشركات المحلية – مثل المطاعم، السباكين، الحرفيين – تحصل على زيارات من عمليات البحث الجغرافية. لكن الخبراء يحذرون من أن هذه المهلة قصيرة الأجل، ومع تطور الذكاء الاصطناعي، لن تكون أي شركة بمأمن.
الخطر الخفي: ازدياد مرات الظهور... وانخفاض النقرات
ما يجعل الأمر أكثر خطورة أن الكثير من الشركات قد لا تلاحظ المشكلة أصلًا. فقد تظل مرات الظهور (عدد المرات التي يظهر فيها الموقع في نتائج البحث) مستقرة أو حتى تتزايد، بينما يتراجع عدد الزيارات الفعلية – أي النقرات – بشكل حاد. وهذا يعني فقدان فرص الترويج للمنتجات أو الخدمات وإقناع العملاء المحتملين.
لقد تحوّل مشهد تحسين محركات البحث (SEO) من «كيف أحصل على نقرات؟» إلى «كيف أبقى حاضرًا في الإجابات التي يولدها الذكاء الاصطناعي؟»
لماذا لا يزال الظهور في ملخصات الذكاء الاصطناعي مهمًا؟
ينصح خبراء تحسين محركات البحث مثل أندرو شوتلاند وبن فيشر الشركات بإعادة التفكير في استراتيجياتها. ومن المثير للاهتمام، أن الظهور في الملخصات حتى لو قلل من النقرات يمكن أن يعود بالنفع على عملك.
فالمستخدمون باتوا يثقون أكثر بالمعلومات المعروضة في ملخصات الذكاء الاصطناعي، وإذا ظهرت شركتك كمصدر موثوق فيها، فإن ذلك يعزز مصداقيتك وقدرتك على التأثير في قرارات الشراء، حتى لو لم ينقر المستخدم على رابط موقعك. هذا بمثابة توثيق رقمي للعلامة التجارية، وقد يساهم في الحصول على عملاء محتملين أكثر جدية، لأن هؤلاء الذين ينقرون بعد قراءة الملخص يكونون عادةً أكثر اهتمامًا واستعدادًا لاتخاذ القرار.
ماذا يجب أن تفعل الشركات الصغيرة الآن؟
للحفاظ على تنافسيتها، يجب على الشركات الصغيرة تعديل استراتيجياتها الرقمية. إليك بعض الخطوات المهمة:
اسمح للذكاء الاصطناعي بالوصول لمحتواك: لا تمنع برامج الزحف التابعة للذكاء الاصطناعي من قراءة موقعك. إذا لم تتمكن جوجل من فهرسة محتواك، فلن يظهر في الملخصات مطلقًا.
استثمر في محتوى تعليمي عالي الجودة: حتى إن لم يجلب نفس حجم النقرات كما في السابق، إلا أن الظهور في الملخصات يعزز من مكانتك وسلطتك في المجال.
أدر سمعتك بشكل استباقي: ابحث عن شركتك عبر الإنترنت. إذا عرضت ملخصات الذكاء الاصطناعي معلومات خاطئة أو مضللة، قم بالإبلاغ عنها (بالنقر على أيقونة الإبهام للأسفل في ملخص جوجل ثم اختيار «الإبلاغ عن مشكلة»).
نوع في أشكال المحتوى: القوائم، المقالات الإرشادية، وخصوصًا الفيديوهات تبدو أكثر فعالية في الملخصات. كما يُنصح بتوسيع قنوات الترويج لتشمل منصات مثل يوتيوب أو تيك توك لتقليل الاعتماد على محرك البحث وحده.
ركز على جودة العملاء المحتملين بدلًا من عدد النقرات: قيّم جودة العملاء الذين يصلون إليك بعد قراءة ملخص الذكاء الاصطناعي، فهم غالبًا ما يكونون أكثر جدية واهتمامًا.
مستقبل البحث سيكون مدفوعًا بالذكاء الاصطناعي
في عام 2022، قدّرت شركة Forrester أن 59% من معاملات البيع بالتجزئة شملت قناة رقمية، بما يعادل 2.7 تريليون دولار من العائدات. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 3.8 تريليون دولار بحلول 2027. في هذا السياق، أصبحت الظهور في المساحات الرقمية – بما فيها ملخصات الذكاء الاصطناعي – أكثر أهمية من أي وقت مضى.
ورغم أن العديد من الشركات الصغيرة لم تشعر حتى الآن بالتأثير الكامل لملخصات الذكاء الاصطناعي من جوجل، إلا أن الاتجاه واضح: الذكاء الاصطناعي يغير طريقة بحث المستهلكين وثقتهم بالشركات. أولئك الذين سيطورون استراتيجياتهم الآن – من خلال تحسين المحتوى، وتصحيح الأخطاء، وتوسيع قنوات التواصل – هم من سيواصلون النجاح في عصر البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي.